وثائق

بيان البتراء الثقافي

في ختام أعمال المؤتمر الثقافي الأردني: البتراء مركز للثقافية الإنسانية

أصدر المثقفون الأردنيون '' بيان البتراء الثقافي ''

   

     من منطلق الإدراك العميق لدور المثقفين في اللحظات الفاصلة من تاريخ المجتمعات الإنسانية ، فان المثقفين الأردنيين الذين التقوا في البتراء في الثامن من تموز  عام 2007 ، يؤكدون التفافهم حول الإرث الحضاري للأردن، وفي مقدمة هذا الإرث حضارة الأنباط التي تتجلى منجزاتها في مدينتهم الخالدة البتراء ،التي احتلت مكانتها بجدارة ؛ واحدة من عجائب الدنيا الجديدة .

 

     واذ ينبه المثقفون الأردنيون الى أهمية الوعي بقيمة البتراء الحضارية والتاريخية ، فإنهم يدعون الى ترجمة هذا الوعي في السلوك الثقافي والحضاري للدولة الأردنية، باعتبار البتراء وتراث الأنباط جذر الهوية الثقافية الوطنية وعنوانها العريق ، والتعبير الموضوعي عن استمرارية الوطن الأردني وعراقته .

 

      كما يدعو المثقفون الأردنيون المثقفين العرب الى الانتباه الى قيمة البتراء وارثها الحضاري في الثقافة العربية ، ويتوجهوا الى مثقفي العالم وكل الحريصين على قيم الحضارة الإنسانية الى اكتشاف قيمة البتراء التاريخية والإنسانية ،فلقد كانت هذه المدينة أنموذجا مبكرا للتنوع الثقافي المبدع ،وكانت حارسة وفية لقيم العدل والخير والجمال والإبداع ؛ فالحضارات المبدعة والعادلة لا تموت بل تتجدد وتنهض مهما تعرضت للنسيان. 

 

   وبما ان الحضارات بجوانبها المتعددة كينونات تاريخية فهي تحمل مشهدا ضخما لصيرورة    اجتماعية وثقافية واسعة وبعيدة المدى ، تحمل مقومات التحول ، كما تحمل بذور التراجع والموت ، فالدول والمجتمعات لا يمكن ان تشبه الكائن الحي في الموت والحياة ، بل تتميز بصيرورة زمنية تتعدد مساراتها وفق جدل معرفي طويل . فالماضي يمتلك طاقة وحيوية خلاقة ومبدعة وجديدة حينما يمتلكه الحاضرون وليس حينما يملك هو الحاضرين.

 

  إن الخصوصيات الخلاقة والمعطاءة المعبر عنها في التراث الحضاري للشعوب وذات الارتباط بصناعات ثقافية متجددة هي المدخل الأساسي لتدشين الفهم بين شعـوب العالم ومجتمعاته، ولعل بناء نماذج جديدة لصناعة سياحة ثقافية مبدعة هو مدخل أساسي لتكثيف وتدعيم أسس الفهم المتبادل بين الشعوب في ضوء الارتطام المذهل الذي يجتاح العالم في أجواء عصف الصناعات الثقافية الأحادية الجانب.

 

     إن السياسـات التنموية والثقافيـة في الأردن في هذه المرحلـة تقف أمام خيار إعادة مراجعـة شاملـة ، وتتطلب هذه المراجعـة الاهتمام بمدخل التراث الحضاري وصناعـة السياحـة الثقافيـة، ودمج هذا المطلب بصورة الأردن في الخارج وبرؤيـة الأردنيين لوطنهم، وهذا يتطلب المهام العاجلـة الآتية :-

 

أولاً : ان الإنجاز الذي تحقق بوجود البتراء على قائمة عجائب الدنيا الجديدة هو استثمار للماضي ننتفع به اليوم ، وابسط أشكال الوفاء لهذا التراث الإنساني هو الحفاظ على هذا التراث واستدامته بالدعوة الى ان ترى فكرة إنشاء    صندوق الحفاظ على البتراء النور .

 

ثانياً : وضع خطـة وطنية شاملة تكرس استلهام التاريخ الحضاري الوطني والتراث الحضاري في مختلف عناصر البناء المعنوي والانتفاع بـه ليوظف كعناصر تاريخيـة حافزة في مختلف فعاليات الدولة وأنشطة مؤسساتها، وأنشطة مؤسسات القطاع الخاص .

 

ثالثاً : التأكيد على ان التاريخ الحضاري وما يرتبط به من تراث هو عنصر من عناصر قوة الدولـة المعنوية ، ولا بد ان ينعكس في الخطاب السياسي والإعلامي للدولة   وسياساتها التنموية .

 

رابعاً : ضرورة ان تتولى مؤسسات الدولـة مهمـة دعم المبادرات المبدعـة في القائمـة على مدخل التراث الحضاري، على ان يتم تحفيز الإنتاج الثقافي الذي تقوم به مؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنـي ، وتقديم الحوافز والإعفاءات الضريبيـة لها.     

 

خامساً : مراجعـة الخطاب الإعلامي الوطني الخاص بالتراث الحضاري الأردني وإنتاج خطاب جديد قائم على الخصوصيـة والتعدد المبدع، ووضع خطـة وطنيـة للدراما التاريخيـة تستلهم التاريخ الحضاري الأردني بكل ما يحمل من كنوز وإمكانيات ، وخطـة أخرى لإنتاج مواد وثائقيـة ذات جودة عالميـة.

 

سادساً : يوجد حاجـة ماسـة لإنشاء (نظام وطني للمعلومات خاص بالسياحـة الثقافيـة ) يعتمد على تكنولوجيا المعلومات المعاصـرة ويوفر كافـة المعلومات حول مختلف جوانب السياحـة الثقافيـة بحيث تكون هذه المعلومات متاحـة أمام الجميع وتدعم الصناعات الثقافيـة المرتبطـة بها .

 

سابعاً : يوجد حاجـة ماسـة لإنشاء مؤسسات أو حاضنات أو بيوت لإنتاج الأفكار الخاصـة بالصناعات الثقافيـة المعتمدة علـى مدخل التراث الحضاري، حيث ان هذه الصناعات ترتبط بالقدرة على توليد أفكار مبدعـة وإعادة إنتاج رموز الماضي بالابتكار والتجديد .