الصدى في وسائل الاعلام

«بيت الأنباط» .. حراس التراث



الراي 3/7/2011
عمان - احمد الطراونة - حازت الهيئة العربية للثقافة والتواصل الحضاري «بيت الأنباط» على جائزة الدولة التقديرية والتشجيعية للعام 2006 في حقل العلوم الاجتماعية المتخصص في دراسة تاريخ الأنباط وتمتلك الهيئة رؤية واضحة حول تشكيل التاريخ الحضاري للإنسانية الذي ساهمت فيه شعوب ومجتمعات متعددة كان فيها الشرق العربي مركز الاستقطاب والإنتاج الحضاري رغم الصراعات المتعددة التي كانت تتجاذبه،
والعرب الأنباط في فلسفة الهيئة يشكلون الجذر الأول للتكوين الحضاري والسياسي والثقافي للعرب في بلاد العرب الشمالية ،وتختلف النظريات حول موطنهم الأصلي لكنها تلتقي حول عبادتهم لآلهة عربية وان لغتهم عربية وأسماءهم عربية . انهم عرب اقحاح بلغت دولتهم مجدها في عهد الحارث الرابع ( المحب لشعبه) حيث وصلت دمشق شمالا والعلا جنوبا وسينا غربا فكانت الاردن بحق جغرافيا الدولة العربية النبطية في معظم مراحل اتساعها او تراجعها ولعل موقع الدولة المتوسط بين طرق التجارة الرئيسية قد اعطاها قوة اخرى ونفوذا اقتصاديا ينافس الإمبراطوريات الكبرى في ذلك الوقت واستخدام الدولة العربية لأنظمة زراعية متطورة في ذلك الوقت اسهم أيضا بشكل مباشر في عوامل قوتها . ولقد خاضت الدولة العربية في كل مراحل تطورها مواجهات عسكرية عنيفة ومتعددة كان اهم هذه المواجهات مع الدولة اليونانية حيث خاضوا اول واقوى معركة بحرية يخوضها جيش عربي في البحر الميت وانتصر فيها العرب الانباط وحطموا احلام الدولة اليونانية في الاستيلاء على شرق الاردن  
شهدت دولة العرب الانباط في الفترة ما بين عام 9 قبل الميلاد الى 41 ميلادي ازهى فترات حياتها وهي الفترة المرتبطة بالملك المحب لشعبه الحارث الرابع حيث صان استقلال بلاده ووسع علاقاتها التجارية وشيد المباني العامة وسك النقود التي حملت اسمه وخلدت انجازاته وعظم شان عاصمة دولة البتراء والتي اصبحت مدينة العرب الخالدة واحدى عبقريات المكان الاردني على مر العصور السابقة واللاحقة.
ولان تاريخ المشرق العربي وحضارته لم ياخذا حقهم في البحث والدراسة والاستكشاف مما اوجد حاجة ماسة للتعريف بهذا التاريخ الانساني ومساهماته في الحضارة الانسانية ولاقتصارالمكتبة العربية عموما لما يؤرخ لبعض فترات تاريخ هذا الشرق وخاصة ما نحن بصدد الحديث عنه وهو تاريخ دولة الانباط العربية والتي لم يكتشف من اثارها لغاية الان اكثر من الربع كان سببا رئيسا وراء انشاء وولادة ما يسمى بالهيئة العربية للثقافة والتواصل الحضاري «بيت الانباط».
بيت الانباط مؤسسة ثقافية اردنية اهلية غير حكومية تاسست عام 1997م بعد سلسلة من الحوارات والنقاشات التي شارك فيها عدد من المثقفين والاكاديميين والاعلاميين الاردنيين وهي مؤسسة ليس لها ارتباطات واتجاهات سياسية او عقائدية او مذهبية او جهوية . وتعتمد في برامجها وانشطتها على الجهود التطوعية لاعضائها والمتعاونين من المجتمع المدني وتتمثل اهدافها المركزية في المساهمة في تطوير الحياة الثقافية في الاردن من خلال ابراز اهمية الجغرافة الحضارية وتعزيز الوعي باهميتها وبانتاجها الحضاري وتتحد من العرب الانباط اسما لها مستلهما من تاريخهم نموذجا للدفاع عن القضايا الثقافية العربية . وتسهم في نشر الوعي بقيمة المدن التراثية وتدعو الى رعايتها وابراز القيمة الحضارية للجغرافيا الاردنية ودورها في حركة التكوين التاريخي للامة ومركزة على ابراز خصوصيات الثقافة الاردنية المحلية وربطها بالثقافة العربية منطلقين الى هذه الاهداف من رسالة واضحة هي تاسيس وعي جديد بقيمة الجغرافيا للمشرق العربي وللاردن القديم تحديدا والمساهمة في اعادة تشكيل الذاكرة الثقافية للاردن المعاصر على اساس حقائق الارض والتاريخ . وتعتبر هذه الهيئة هيئة ناشطة على المستوى الثقافي الأردني والعربي فقد فازت بجائزة جامعة الحسين بن طلال للمؤسسات الرائدة في محافظة معان وحازت على جائزة الدولة التشجيعية للعام 2006 وهي تبني شبكة علاقات رائدة مع المؤسسات الفاعلة وذات العلاقة بالحفاظ على التراث والكشف عنه كالجامعة الهاشمية ومعهد الملكة رانيا للتراث والسياحة ونقابة المهندسين ونظمت الكثير من المؤتمرات بالتعاون مع هذه المؤسسات كمؤتمر الهندسة التراثية ومؤتمر التكنولوجياوالآثار وشاركت ايضا في الملتقى العالمي للصحراء العربية الأفريقية وملتقى الشباب المتوسطي في الجزائر .  
واقام البيت مجموعة من المؤتمرات المتخصصة تحت عنوان نحو تراكم علمي ومعرفي نوعي منها مؤتمر دراسات الأنباط الأول (21-23/6/1999) ، ومؤتمر دراسات الأنباط الثاني : المجتمع والحضارة والدولة (29-31/10/2003) ، ومؤتمر التاريخ الأجتماعي لمنطقة البتراء وجوارها : الأستمرارية والتغير . ومؤتمر العمارة التراثية (7-10/8/2006) .  
ولقد اطلقت الهيئة مشروعا ثقافيا رائداهو الأول من نوعه في مجال التأليف والنشر المتخصص حول تاريخ الأردن القديم واثاره حيث صدر عنه لغاية الان ستة كتب من مجموعة تصل الى خمسة وثلاثين كتابا وستقوم الهيئة باطلاق مشروع للابداع الأدبي واخر لأدب الأطفال لاحقا ومن اهم الكتب التي صدرت عن بيت الأنباط كتاب عهد الحارث الرابع لمؤلفه «مسلم الرواحنه» ، وكتاب مملكة الأنباط لمؤلفه د. خالد الحموري  ،وكتاب حضارة الأنباط من خلال نقوشهم لمؤلفه «د. احمد العجلوني»، وكتاب التاريخ الاجتماعي لمنطقة البتراء وجوارها وهو عبارة عن مجموعة من الدراسات والأبحاث التي حررها باسم الطويسي رئيس الهيئة ، وكتاب تطور الخطوط والكتابة العربية من الأنباط الى بدايةالأسلام لمؤلفه «بياترس جرندلر» وترجمة للعربية ا. د . سلطان المعاني و د. فردوس العجلوني ، وكتاب هندسة المياه والري لمؤلفة «ا.د. زيدون المحيسن» حيث تقدم هذه الأصدارات مجانا للمؤسسات العلمية المعنية بالتراث والحضارة .  
وتعتبر الكتبى (نسبة الى آلهة الكتابة عند الأنباط ) نشرة تعريفية مهمة صادرة عن الهيئة تحمل بين طياتها المختزل المفيد عن هذه الهيئة ونشاطاتها واهدافها واهم اصداراتها ومؤتمرتها ، وقد اصدر بيت الأنباط نسخة ثانية من التقويم السنوي الأردني التاريخي /2006 ويضم بين طياته معلومات تاريخية واسعة ومتنوعة عن الأردن ومعروضة بطريقة سهلة مخرجة بطريقة شيقة تجعل من السهل قراءتها . ولقد كرم بيت الأنباط عالم الأثار الأميركي «فليب هاموند» بمناسبة مرور خمسين عاماعلى على بدء اعماله العلمية في البتراء وسيصدر قريبا لهذا العالم كتاب بعنوان (الأنباط : التاريخ والآثار والثقافة ) وذلك ضمن مشروع بيت الأنباط للتاليف والنشر . وعلى ضوء الشموع وعزف الناي وبدعوة من بيت الأنباط اقامت مجموعة من الأدباء الأردنيين حفل توقيع وقراءة اعمال ادبية جديدة حيث قرأت الروائية سميحة خريس من روايتها (القرمية) وهاشم غرايبة قصائد عن البتراء ومفلح العدوان جزءا من نص ادبي كبير عن ملوك الأنباط.
هذا هو بيت الأنباط ،حارس تراثهم،ولاضم أوصالهم ، وناظم خيوط حضارتهم كي تزهي في لوحة صخرية وردية جميلة يتسنى لنا الاستمتاع بها.