يعتبر هذا الكتاب دراسة شاملة ووافية، يعرض العدد الأكبر
من المنحوتات الحجرية النبطية في مدينة البتراء. ويمكن اعتبار هذه الدراسة الاولى من
نوعها والتي تنشر في اللغة العربية. وقد اعتمدت هذه الدراسة على المعلومات
المنشورة في المصادر التاريخية وكتب الرحالة والتقارير الأثرية، والمعلومات غير
المنشورة والتي تم الحصول عليها من قسم التسجيل في دائرة الآثار العامة أثناء
زيارة الموقع الميدانية.
ساعدت هذه الدراسة
في التعرف إلى ميزات فن النحت النبطي بشكل خاص والى عدد من مظاهر الحضارة النبطية المتعلقة
بهذا الفن بشكل عام
.
حيث أمكن تقسيم
المنحوتات الحجرية في البتراء من حيث التقنية والشكل العام إلى نوعين: المنحوتات
البارزة، وقد ظهرت تزين حجارة المباني العامة والمنحوتات التي زينت الواجهات
والكوى الصخرية. وقد صنعت معظم هذه المنحوتات من الحجر الرملي والحجر الجيري. أما
النوع الثاني فهم المنحوتات المجسمة الكاملة (ثلاثية الأبعاد)، وقد صنع معظمها من
الرخام.
وقد اظهرت هذه الدراسة امتياز فن النحت النبطي في
البتراء بتنوع الأشكال التي تم تصويرها. فبالإضافة إلى الزخارف النباتية والهندسية
المعمارية، عرضت المنحوتات النبطية الأشكال الإلهية والأسطورية والأشكال الآدمية والأشكال
الحيوانية. وقد تم التعرف إلى هذه الأشكال عن طريق وصفها ومقارنتها بمثيلاتها عند
الحضارات الأخرى، كما تمت ملاحظة الصفات المميزة والرموز المرافقة لمنحوتات الآلهة،
إن وجدت، والتي نستدل من خلالها على هوية الإله.
وأظهرت هذه الدراسة أن الغالبية العظمى من
المنحوتات صنعت بهدف تزيين المباني العامة وخاصة تلك التي لها أهمية دينية عند
الأنباط، ولهذا السبب فقد ركز الفنان النبطي على اختيار مواضيع تناسب تلك المباني
وقدسيتها. وقد نحتت معظم هذه المنحوتات على حجارة البناء لتزين الجبهات المثلثة،
والأفاريز العليا للبناء وواجهات المباني بشكل عام. وقد غلب الطابع الديني على تلك
المنحوتات ووجد معظمها في مباني وسط البتراء مثل البوابة التذكارية والمعابد
الدينية وساحاتها المقدسة.
وقد تم التعرف في الجزء التحليلي من الدراسة الى
المعالجة الفنية للمنحوتات من حيث طريقة إظهار ملامح وأجزاء المنحوتة، مثل تباين
ملامس أسطح النحت ودراسة الارتفاعات والانخفاضات التي صنعت في سبيل التمييز بين
الأشكال والتناسب في حجم أجزاء المنحوتة. ثم دراسة المواضيع التي تمثلها المنحوتات
النبطية وذوق الفنان النبطي في اختيار هذه المواضيع. كما تم التعرف الى الديانة
النبطية من خلال منحوتات الآلهة التي ظهرت في الموقع وتأثر هذه الديانة بالديانات
الأخرى. ودراسة الملامح والأساليب المتشابهة التي ظهرت في عدة منحوتات والبحث في
إمكانية تأريخها، ودراسة التأثيرات الخارجية عليها من خلال مقارنتها بمنحوتات
الحضارات الأخرى المعاصرة والسابقة للحضارة النبطية. وقد تم التعرف أيضا الى
الخامات والتقنيات المستخدمة في النحت والهدف من صناعة هذه المنحوتات.