الصدى في وسائل الاعلام

درج الدير في «البترا» يهدده الاندثار
زياد الطويسي 
 
نحتوا درجاته التي تفوق الالف على أعالي الجبال في الصخور ، لتكون   المعبر الرئيسي «للدير» أحد أهم الأماكن التاريخية في البترا.

  وبقي درج الدير الشاهد الحاضرعلى حضارة الأنباط وما توالى عليها من   حضارات   ,الا انه بات مهددا بسبب الممارسات السلوكية الخاطئة   والناتجة عن الحركة الكثيفة لأكثر من 400 دابة   وبشكل مستمر طوال   اليوم، حيث توقع مختصون أثريون أن لا يمكث هذا الدرج أكثر من عشرة أعوام إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن.

  ورغم ما تساهم به عوامل الزمن وتقلبات المناخ على مدار العام من تأثير   على جمالية الموقع الأثري إلى أن درج الدير بقي محافظاً على جماليته   وطابعة النبطي حتى فترات متأخرة من القرن الماضي، غير أن الحركة   الكثيفة للدواب التي تنقل السياح إلى الدير بواسطته، والتي يقود نسبة   كبيرة منها أطفال أهم العوامل التي ساهمت في تهديده وطمس هويته   التاريخية.

 ويحذر مهتمون في الشأن السياحي وخبراء آثار من النتائج السلبية الكبيرة   التي سيخلفها استمرار السكان المحليين في استخدام الدواب، داعين إلى   ضرورة وقف أي سلوك من هذا النوع للحفاظ على الإرث الحضاري الذي صمد   لأكثر من 2000 عام.

ويقول نائب عميد كلية الآثار في جامعة الحسين بن طلال الدكتور زياد   السلامين أن طبيعة الصخور الرملية التي يتكون منها درج الدير تجعلها   عرضة للتعري أكثر من أي نوع آخر من الصخور، ويؤكد على أن الممارسة   السلوكية الخاطئة للسكان والمتمثلة بالاستخدام المكثف للدواب تساعد على   تفتيت هذا النوع من الصخور بسرعة.

 ويعتبر السلامين أن مخلفات الدواب لها دور كبير في تهديد هذا   الدرج نتيجة مساعدتها على تفتيت الصخور الرملية بشكل كبير.

 ويلفت إلى أن أهم الظواهر الأخرى التي ساهمت في تهديد درج الدير هو   استخدام الاسمنت البورتلاندي في عمليات الترميم، حيث تم استخدامه في   عدة مناطق إضافة إلى درج الدير ومنها السيق وقصر البنت، وهو استخدام   محرم على حد تعبيره نتيجة آثاره السلبية الكبيرة على الموقع الأثري.

 ويوصي إلى أهمية العمل على تقليص عدد الدواب المستخدمة في نقل السياح   قدر الإمكان، ومحاربة عمالة الأطفال حيث أن بعض السياح الذين لا   يحتاجون إلى ركوب الدواب للوصول إلى الدير يستخدمونها رأفة بالأطفال   وتحت إلحاحهم.

 واعتبرت دراسة أعدها أستاذ الآثار في جامعة الحسين بن طلال الدكتور سعد   الطويسي أن العامل البشري والذي تم إغفاله من قبل الباحثين بالرغم من   الدور الخطير الذي يلعبه في تدمير و تشويه الكثير من معالم البترا يفوق   في خطورته العامل الطبيعي، فعلى العكس   من عامل الرياح و الرطوبة   اللذان يؤثران بشكل جزئي على آثار المدينة حيث أن هناك مناطق محدودة في   البتراء تأثرت بهذين العاملين غير أن اليد البشرية امتدت إلى كل معلم   ووصلت إلى كل مكان في المدينة.

 واعتبرت الدراسة أن العامل الإنساني كان له الدور الأول في تدمير درج   الدير إضافة إلى درج المذبح وعدد من الآثار الهامة في المدينة.

 ويؤكد   الطويسي على أن درج الدير يعد آثارا بحد ذاته يجب   المحافظة عليه، داعياً إلى عدم الاعتماد على الترميم لما له من دور   كبير في إفقاد هذا المعلم طابعة الأثري .   ويعبر العاملون في الموقع الأثري ومراقبي محمية البترا الأثرية عن  استيائهم نتيجة هذه الممارسات الخاطئة التي تهدد درج الدير أهم الأدراج   النبطية في المدينة.

 ويحذرون قائلين أن عدد الدواب العاملة في المدينة والتي   كانت السبب الرئيس في تدمير درج الدير في تزايد مستمر نتيجة عدم وجود   قوانين رادعة تمنع دخولها إلى المدينة.

 ويقول عدد من المراقبين أنهم كتبوا مئات التقارير بحق المخالفين   والأطفال العاملين على قيادة الدواب (الحمير)، إضافة إلى القيام   بمهمتهم والمتمثلة بمنع السلوكيات الخاطئة .

 «والحل يبدأ من إعادة النظر في مسالة الدواب من قبل محمية   البترا، وإيجاد عمل بديل للسكان العاملين على قيادة هذه الدواب، إضافة   إلى التخلص من عمالة الأطفال «كما يرى المراقبون.

وقد حذرت عدة منشورات تم توزيعها على الزوار كان آخرها المنشورات التي   أصدرها مركز الوعي والتنمية السياحية في بيت الأنباط من استخدام الدواب   للتنقل وخاصة في منطقة درج الدير نتيجة الأضرار التي ألحقها استخدام   الدواب على أجزاء كبيرة من الدرج.

  ورغم الإجراءات التي اتخذتها محمية البترا لتنظيم العمل داخل المدينة   الأثرية والحد من السلوكيات الخاطئة, الا ان الوضع لم يتغير كثيراوبحسب    المصادر المسؤولة في المحمية فهناك إجراءات جديدة   ستتخذها لمعالجة هذه الثغرات وذلك ضمن خطة العمل الجديدة لسلطة إقليم   البترا التنموي السياحي الهادفة إلى الارتقاء بالموقع الأثري وتحسين   واقع الخدمات فيه.