نصوص نبطية

نصوص الأنباط : الأصل والهوية

    تتعدد النظريات التاريخية حول الموطن الأول للعرب الأنباط، فهناك عدة فرضيات أهمها انهم قدموا من: اليمن او من وسط الجزيرة العربية او من شمال الجزيرة العربية او من العراق، وهناك افتراض آخر بأنهم امتداد للجماعات المحلية التي سادت في حدود جغرافيا دولتهم .. او في محيطها القريب.

لا شك في عروبة الأنباط، وهم الجذر الأول للتكوين الثقافي والسياسي للعرب في بلاد العرب الشمالية، فقد عبدوا آلهة عربية عبدتها قريش بعدهم، وكانت أسماؤهم عربية ولغتهم المحكية العربية وكتبوا بالآرامية ثم طوروها إلى شكل الحرف العربي لاحقاً، كما أن المؤرخين الكلاسيكيين يسمونهم عرباً ويجعلون كلمة (العرب) في كثير من المواضع مرادفة لكلمة الأنباط.
 
نصوص الأنباط: التجارة الخارجية

  كانت التجارة الخارجية عماد ثروة الأنباط واقتصادهم، إذ كانت السبب في سيطرتهم على طرق القوافل التجارية الرئيسية في الشرق القديم ففي امتدادهم نحو الشمال سيطروا على (الطريق السلطاني) الممتد بين دمشق والبحر الأحمر والطريق التجاري الممتد نحو النقب إلى ميناء غزة والطريق من خلال سيناء إلى مصر والى الجنوب نحو بلاد العرب الجنوبية، وذلك عبر مدن القوافل التي شيدوها والموانئ التي ربطتهم بالهند من خلال البحر الأحمر وموانئ الخليج العربي.

ويتضح انتشار الأنباط التجاري من خلال المعابد والآثار النبطية التي وجدت في أماكن متعددة من العالم مثل ايطاليا والخليج العربي والهند.

 

نصوص الأنباط: الآلهة

  ساهم الاستقرار والاتصال بالشعوب الأخرى   في تطوير الحياة الدينية عند الأنباط إلى مستوى المعبود والشعائر والمعتقدات والمؤسسات الدينية واهم الآلهة:

-          مناة (مناتو) او منوات واسمها مشتق من (المنية) وهي بالتالي آلهة الحظ.

-          العزى: آلهة الجمال والحب وهي نجمة الصباح.

-          اللات: وتظهر في قمة الهرم الإلهي وتمثل الشمس وهي ام الأرباب وهي آلهة الحرب وحامية القوافل.

-     ذو الشرى: يقف هذا الإله على رأس الآلهة الذكورية ويمثل الإله القومي للأنباط ويعتقد أن اسمه على سلسلة جبال الشراه.

-          هبلو: وهو الإله هبل وأصله (هبعل) أي البعل وهو إله جذره كنعاني.

-          شيع القوم: أي شيفيع القوم وهو حامي القبيلة والقوافل.

ولقد تعبد الأنباط في الأماكن العالية لقربها من السماء والتي توفر العزلة لهم، وكانوا يصلون إليها عبر الأدراج الطويلة وفي هذه الأماكن العالية توجد تماثيل الآلهة النبطية ومعبدهم الرئيس يعرف بقصر البنت في وسط مدينة البتراء.

 

نصوص الأنباط: جغرافيا الدولة العربية الأولى

  بلغت مملكة العرب الأنباط أوج اتساعها الجغرافي أيام حكم الملك الحارث الرابع، أي في أواخر القرن الأول قبل الميلاد والنصف الأول من القرن الأول الميلادي، اذ وصلت إلى العلا جنوباً وضمت بذلك الحجر وخيبر ومدائن صالح، وفي الشمال امتد نفوذ الأنباط إلى دمشق وسيطروا على جنوب سوريا وتٌعد السويداء وبصرى والبقاع من أهم مراكزهم والى الغرب سيطر الأنباط على منطقة النقب كاملة وعلى سيناء وأهم مواقعهم: عبدة وكرنب ونعتان وخلصه والنعسانه ورحيبه والى الشرق سيطر الأنباط على الصحراء الداخلية، وسهول وادي الرمان وما وراءها وشكلت جغرافيا شرق الأردن شبه كاملة مركز الدولة النبطية في معظم مراحلها.

   

نصوص الأنباط: الخزف النبطي

   يعد الخزف النبطي (الفخار) إحدى ميزات الحضارة النبطية التي تدل على مستوى الرقي والتطور الذي بلغته هذه الحضارة، إذ تميز برهافته الشديدة ورقته وجودة صناعته العالية التي لا يجاريها خزف آخر. والخزف النبطي نوعان: نوع مطلي ونوع غير مطلي ويصنع الخزف النبطي من الصلصال وهو احمر قرميدي بعد أن يتم تعريضه للنار او لون مائل للسمرة وعادة يوجد على الخزف رسومات وزخارف نباتية او حيوانية او نقوش ونصوص تذكارية.

   

نصوص الأنباط: الفن المعماري النبطي

   يتميز الفن المعماري عند الأنباط بميزة فريدة تبدو في خصوصيته وانفتاحه على فنون الشعوب الأخرى؛ أي الانتقائية والقدرة على الاستمداد من فنون الأمم الأخرى. إذ توجد فيه ملامح يونانية ومصرية وفارسية وغير ذلك إلا انه في محصلته يبدو فناً نبطياً ذا خصوصية واضحة.

إن فن النحت الذي يظهر في الواجهات الصخرية كما يبدو وفي البتراء يجسد أحد ملامح عبقرية الحضارة النبطية، كان النحات النبطي يبدأ بنحت الواجهة في لحف الهضبة، فيجعل سطحها أملساً ثم ينحت الواجهة التي مهدها من الأعلى إلى الأسفل وتنحت الأعمدة في الغالب عارية من تيجانها والرموز المصاحبة لهذه الأضرحة تكاد لا تتغير وهي الصقر والجرة والقناع الأدامي.

 

  نصوص الأنباط: مدن ومواقع

  انتشرت المواقع النبطية على امتداد واسع في المشرق العربي القديم دليلاً على نفوذ هذه الحضارة وقوتها، ولم تنحصر فقط في دائرة الأردن التاريخية وحسب. وأهم مواقع الأنباط:

الأردن: البتراء، بيضا، صيرا، وادي موسى، الطيبة، بعجه، وادي رم، العقبة، خربة الذريح، السلع، خربة التنور، أم الرصاص، الربه، القصر، ذات راس، رأس النقب، خربة الذرافه، أم الجمال، الساده، الحميمه، وادي عربة، غرندل، فينان، وادي اسرق، التوانه، محي، نخل، ذيبان، اللاهون، أم وتام، غور الصافي، مادبا، ام العلدا.

صحراء النقب: عبده، خلاصة أو الخلصة، عوجا، الحفير، سبيطه، كرنب ممسيس.

شمال الحجاز: الحجر (مدائن صالح)، العلا، الخبير.

حوران وسوريا: بصرى، دمشق، البقاع، السويداء.

 

  نصوص الأنباط: الزراعة وهندسة الري

    برع الأنباط في الزراعة واستغلال الموارد المائية، ولم يصل أحد في ظروفهم إلى ما وصلوا إليه من القيام بالزراعة في الصحراء، ولم تستطع جماعة من قبلهم السيطرة بنجاح على المياه وتخزينها كما فعلوا، وكانت السلطة المركزية ترعى النظم المائية والزراعية بشكل دائم وتهتم بتوزيع المياه والمحافظة عليها.

ولقد استخدم الأنباط أنظمة بارعة في إدارة المياه وهندسة الري من بينها نظام المصاطب ويعمل على إبطاء سيلان مياه الأمطار عندما ينحدر الماء من مرحلة إلى أخرى مما يجعل كروم العنب والنباتات المزروعة على المصاطب تقوم بامتصاص الرطوبة، إلى جانب بناء السدود والقنوات وخزانات حفظ الماء ونظام الحصاد المائي والآبار، إن الإبداع في إدارة المياه جعل الفلاحين الأنباط بين القرن الثاني قبل الميلاد والقرن الثاني الميلادي يطعموا الشرق القديم القمح والشعير والزيتون والسمسم والكروم.

   

نصوص الأنباط: الحارث الرابع

  اعظم ملوك الأنباط، وامتد حكمه ما بين عام 9 قبل الميلاد إلى 41 ميلادي، ويعد حكم الحارث الرابع الملقب (المحب لشعبه) أطول وأزهى فترة في تاريخ الأنباط، إذ استطاع هذا الملك العربي الحفاظ على استقلال بلاده الواسعة، واتسعت علاقاته التجارية ووصل الأنباط في عهده إلى ميناء اوسيتا المرفأ الروماني المشهور في ايطاليا وبنوا معبداً لهم ما زالت بقاياه شاهدة على عظمة هذه الحضارة، وحارب في مواقع عدة وانتصر في معظمها، وفي عهده شهدت البلاد نهضة حضارية واسعة وراقية وشيدت العديد من المباني العامة الفخمة التي ستشهد على عظمة الفن النبطي كما سك العديد من النقود التي تحمل اسمه وتخلد إنجازاته.

 
  نصوص الأنباط: المواجهات الأولى

   استطاع العرب الأنباط في البدايات كما هو الحال في أوج ازدهار حضارتهم مقاومة محاولات السيطرة عليهم وإخضاعهم، وأبقوا منطقة دائرة الأردن التاريخية خالية نسبياً من النفوذ الأجنبي، ومن بين أهم مواجهاتهم العسكرية وقوفهم في وجه النفوذ السلوقي (اليوناني) في عام 312 ق.م. إذ استطاعوا رد الجيش اليوناني مهزوماً بعد أن قتلوا معظم أفراده في الحملة الأولى، كما ردوا الحملة اليونانية الثانية بعد أن حاصر اليونان مدينتهم لمدة طويلة كما انتصر الأنباط في أول معركة بحرية يخوضها جيش عربي، وذلك في مياه البحر الميت، وهي المعركة التي أنهت أحلام اليونان وأطماعهم بالاستيلاء على شرق الأردن.

 
  نصوص الأنباط: البتراء الرقيم

   البتراء مدينة العرب الخالدة، وإحدى تجليات عبقرية المكان الأردني والناظر إلى مدينة البتراء يستطيع رؤية الأعمال الفنية المميزة التي أنجزها الفنان العربي النبطي، استخدم الأنباط نمطين في البناء في مدينة البتراء، النمط الأول باستعمال الحجارة المشذبة كالموجود في معبد الأسود المجنحة ومعبد قصر البنت، وقد استخدم المعماريون تقنيات مختلفة في البناء، أما النمط الثاني والمميز فهو النحت الذي استخدمت فيه الأساليب والتقنيات لإنشاء المباني في الصخر الطبيعي، فقد طور الأنباط هذه الأساليب والمهارات إلى أرقى المستويات. أما أهم الواجهات والمباني الرئيسية في البتراء: الخزنة، الدير، قبر المسلات والمضافة، القبر الكورنثي، مضافة الأسد، قبر سكتيوس فلورنتنوس، بوابة التيمينوس، معبد قصر البنت، مركز المدينة، معبد الأسود المجنحة، المدرج، القبر غير المكتمل، المذبح، كنيسة البتراء.

 

  نصوص الأنباط: المرأة النبطية

   بلغت المرأة مكانة راقية في المجتمع النبطي يندر وجود مثيل لها في الحضارات القديمة، مما يدل على مستوى التطور الذي وصلت إليه هذه الحضارة، فقد منحت المرأة النبطية موقعاً مميزاً وبارزاً في المجتمع، ومن الواضح أن النساء النبطيات قد امتلكن استقلالية قانونية وتمكن من امتلاك ممتلكات، وثروات وأرض.

وتبين النقوش النبطية أن العديد من النساء قد نقشن أسماءهن على الصخور او دفعن لشخص ما ليكتب لهن، ونستنتج من هذا أن نساء الأنباط كنّ يقرأن ويكتبن وملكن القدرة على إثبات وجودهن.

وفي الحياة السياسية لعبت الملكة دوراً بارزاً في الحياة العامة مع وجود الملك، وكان رأسا الملك والملكة غالباً ما يرسما على العملة النبطية وتزودنا النقوش بأمثلة عديدة على مكانة المرأة الرفيعة فقد احتلت العديد من المناصب،   ومن المدهش أن الكثير من الأدلة تشير إلى أن عدداً كبيراً من النساء في المجتمع النبطي هن ذوات مواقع اجتماعية وعامة عالية ومميزة.